إقليم الجند: بوابة اليمن الاتحادي الجديد

دكتور. عبد الله دحان

نائب وزير الصحة

Email :
لطالما كانت قضية شكل الدولة من القضايا التي نالت كثيرا من النقاشات الساخنة بل والجدل المحتدم في أحيان كثيرة، واحتلت مساحة واسعة من الحوار أثناء جلسات مؤتمر الحوار الوطني، إلا أن الحوار العميق والمركز والحرص من المتحاورين على أهمية التوصل إلى الصيغ الكفيلة بإيجاد الحلول المناسبة والناجعة لمشاكل البلاد وتحدياتها بعد تشخيصها وتحليلها بدقة كبيرة.
ومن خلال هذا الحوار تم الاتفاق على أن الصيغة الاتحادية لليمن الجديد هي أفضل ما يمكن الأخذ به وذلك لتجاوز إحدى المشاكل التي أدت إلى الصراعات المستمرة في البلاد؛ وهو عدم العدالة في توزيع السلطة والثروة بين مختلف مناطق اليمن، والذي كان السبب الرئيس في تجدد اندلاع جولات الصراعات الدموية في البلاد وتكرارها بصورة شبه منتظمة، كل عدة سنوات، في مناطق مختلفة من البلاد، وفي مراحل مختلفة في التأريخ السياسي لها. مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وإعاقة التنمية المستدامة، وخلق حالة من الاحتقان والتوتر بين أبناء الوطن، والاستعداد للانقضاض، ولدوافع مختلفة إما للثأر أو الانتقام أو للهيمنة والاستحواذ، لدى أبناء شعبنا وفئاته المختلفة. ولذلك فإن الصيغة الأنسب لإيجاد الحل للمعضلة المذكورة هي الصيغة الاتحادية التي تعطي الفرصة لتنمية عادلة وشاملة، وفي هذا السياق، تأتي أهمية مبادرة إقليم الجند في تعزيز هذا المفهوم والعمل على تطبيقه بفعالية.
ويُعد إقليم الجند بمحافظتيه، أحد أقاليم الدولة في حلتها الاتحادية الجديدة ولما يتمتع به هذا الإقليم من مقومات وميزات، ديموغرافية، حيث يتفرد الإقليم بكثافة سكانية عالية، ويتميز بموقعه الجغرافي الاستراتيجي في الجزء الجنوبي والوسطي من البلاد، بالإضافة إلى إطلالته على البحر الأحمر، مما يفتح أمامه آفاقاً واسعة من الفرص الاقتصادية والتجارية.
من الناحية الاقتصادية، يمتلك إقليم الجند موارد متعددة وثرية، حيث تتمتع المنطقة بتنوع صناعي وزراعي يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام. أما ثقافياً، فيعتبر الإقليم من أبرز المناطق اليمنية من حيث مستوى التعليم، ويملك إرثاً أدبياً وفنياً غنياً يعزز من هويته الثقافية.
إضافة إلى ذلك، يتمتع الإقليم بميزات سياحية فريدة، إذ يحتوي على العديد من المناطق الطبيعية الخلابة التي تجذب السياح، مما يساهم في تنشيط القطاع السياحي وزيادة الإيرادات الوطنية.
لذلك، تكتسب مبادرة إقليم الجند أهمية كبيرة باعتبارها خطوة شعبية فاعلة نحو تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة، وتهيئة الظروف اللازمة ليكون الإقليم نموذجاً يُحتذى به لبقية الأقاليم اليمنية. كما تسهم المبادرة في إزالة اللبس والغموض حول مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وتوضيح الفوائد العديدة للنموذج الاتحادي.
من خلال هذه المبادرة، يتم تشجيع الأقاليم الأخرى على تأسيس مبادرات مشابهة، مما يسهم في تعزيز التعاون بين الأقاليم المختلفة ويقلل من المخاوف المتعلقة بتقسيم البلاد، ويؤكد أن النموذج الاتحادي يوفر الفرص لتحقيق تنمية مستدامة وعدالة اجتماعية على مستوى البلاد ككل.
إقليم الجند، بموقعه الاستراتيجي وموارده الغنية، يمثل رمزاً للأمل في بناء اليمن الاتحادي الجديد، وهو بمثابة تجربة ميدانية تفتح الباب أمام تجارب أخرى قادرة على إحداث نقلة نوعية في تاريخ البلاد.

  1. لا يوجد اي تعليق
أضف تعليقا

مواضيع ذات صلة