• الرئيسية
  • حوارات
  • إقليم الجند، إقليم تاريخي وله دلالة رمزية.. حتى على المستوى الإسلامي

إقليم الجند، إقليم تاريخي وله دلالة رمزية.. حتى على المستوى الإسلامي

Email :

 

لمبادرة إقليم الجند: أجرت المقابلة /إيناس العبسي

 

الأستاذ محمد عبد الوكيل جازم، يعمل في مركز الدراسات والبحوث اليمني صنعاء، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وعضوًا في نادي القصة اليمنية، ولديه مجموعة من المؤلفات والإصدارات خاصة في القصة، وفي الكتب النقدية، وله كتابات في مجموعة من الصحف المحلية والعربية، كما شارك في بعض المهرجانات الدولية والمحلية، بالإضافة إلى مساهمات في بعض الأنشطة الثقافية.

 

أهلاً بك أستاذ محمد معنا في هذا الحوار .......

أستاذ، كيف هو حال الكتاب اليمنيين اليوم في المنافي والشتات وفي الداخل؟ كيف تستطيع أن تصف أحوالهم وتقيم إنتاجهم؟

 

اليمن في حرب، وكان لهذا تأثير كبير على جميع مجالات الحياة، المجالات الثقافية، السياسية، الاقتصادية. وأكيد كثير من الادباء والصحفيين والكتاب والمبدعين تأثروا بشكل كبير، فالأجواء لم تعد كما كانت في السابق وبالتأكيد فإنهم يعانون، فالأجواء متاحة للصراعات السياسية، القتالية، مما يضطر الكاتب، كونه ابن هذه البيئة، من الانزلاق إلى ذلك الواقع السياسي، ومتاهات الحرب، رغم أن بضاعة الكاتب مختلفة كثيرًا عما ذهب إليه الواقع، الموالاة والتطرف، فالكاتب من مزاياه أن يدعو للسلام، وهذا الإكراه والاضطرار يؤدي إلى قلة عطاء الكاتب سواء في الداخل أو الخارج، ومعظم العطاءات اليوم يشوبها البساطة والركة. مفرداته متذبذبة. خافتة، ويعتريها الكثير من الشوائب.

لأن الكاتب أينما حل يحمل بداخله هموم وطنه، وهموم شعبه، مما ينعكس على كتابته فيظل همه الأكبر هو الوطن.


الحرب التي تعيشها اليمن أفرزت العديد من القضايا التي تصلح أن تكون عناوين لأفلام ومسلسلات ترصد وتؤرخ لهذه المرحلة؟ ما الذي ينقصنا من وجهة نظرك؟ (الكتاب-المخرجون-السيناريو أم ماذا؟)

 

في الحقيقة دائمًا تثار مثل هذه الأسئلة، يعني هل الأزمة أزمة نص؟ أم أزمة ممثل مثلاً أم أزمة متلقٍ وكادر إداري؟ أين تكمن الأزمة؟

أنا يهيأ لي أن اليمن بلد لم يحدث فيه تراكم.

كلما بدأت في مسألة التحديث والتجديد. والترتيب كلما حلت كارثة، وأعاقت استمرارية العملية الإبداعية، والثقافية، فلا يمكن أن يبدع الإنسان طالما هناك في البداية أزمة استقرار، وتراكم، وهذا يعني أن هناك أزمة في النص، وأزمة في البنية التحتية، وأزمة إدارية، والعملية كلها متكاملة، لأنها تدار من الخارج أو الداخل المنشغل بقوت يومه.. فكيف يمكن أن نفكر بعمل مسرح مثلاً أو مسلسل؟ والبلد ممزق إلى عدة كانتونات.


بالعكس، أنا أعتقد أنها فرصة أفضل لتسليط الضوء على ما يحدث من خلال الدراما، المسرح، خاصةً أننا نمتلك كتاباً، مخرجين، وغيرها من الأدوات، في الخارج أو الداخل هل تتفق معي؟

 

المتابع للمشهد الإعلامي، القنوات الفضائية سيجد أن هناك ومضات هنا أو هناك، ولكن أعتقد أن كل شيء في الخارج يعتبر وكأنه في مهب الريح، لأنه إذا لم تكن الدولة هي التي تتبنى وترعى هذه الأشياء، وهذه الفنون، فهذا يعتبر عملاً خارج السياق.

لماذا؟ لكي يكون الوضع طبيعياً، أو لكي يكون الفن ذا جدوى لا بد أن يكون نابعاً من المجتمع نفسه، من داخل البلد، أما ما يحدث في الخارج فهذا في الحقيقة مجرد عمل أقرب ما يكون إلى العبثي، ولو أن هناك ومضات جميلة ورائعة، راصدة للأحداث القائمة، لكنها لا تهتم بالبنية التحتية داخل البلد، لا بد أن تكون هناك مؤسسات تضطلع بهذا العمل. لكن عندما تكون المؤسسات في المنفى، ماذا يمكن أن تعمل لنا مؤسسة في المنفى؟


ككاتب وناقد، أريد وجهة نظرك في هذا الأمر.. أين تكمن مشكلة الدراما اليمنية؟ 

 

هناك في الداخل مسلسلات مُثّلت في المخا، وفي مأرب، في عدن، وفي حضرموت، وفي المهرة، باعتقادي أن هناك مسلسلات استطاعت أن تنفذ إلى المشاهد، وأن توصل رسالتها، وهنا أنا في رأيي أنها في معظمها تتخذ من الهزل والعشوائية، والعبث منطلقًا لها، بمعنى أن هناك من يحاولون أن يسخروا من الحرب القائمة والاقتتال المناطقي والقبلي، ولكن بطرق غير مفهومة؛ فالوضع الممزق في اليمن خلق تردياً في كل شيء، ولكن هذا لا يمنع أن هناك ومضات وجدت، وهي مهمة في المسلسلات، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، في أشياء مهمة ترصد الأحداث القائمة، و تتحدث عن التحولات التي حصلت، وسوف يحتاج لها الباحث فيما سيأتي إن شاء الله.

 

ما الذي نحتاج إليه لنسلط الضوء أكثر على هذا الموضوع، أو أن يسلطوا الضوء عليه ويبدأوا العمل به؟

في الحقيقة، اليمنيون محتاجون إلى الدولة، أول شيء، إذا كانت توجد دولة مركزية تستطيع أن تفرض كل شيء، وسوف تأتي الأشياء تباعًا، لكن الآن كل واحد يعبر عن وجهة نظره، كل واحد يريد أن يعمل مسلسلاً لمقاصد سياسية وتاريخية. إما أسرته، وإما قبيلته، وإما حزبه، ونجد الهم الوطني العام موجودًا ولكن بشكل ضيق ولا أحد يلتفت إليه، أو يمثله بصدق.

أستاذ محمد، بعيداً عن الدراما، هل يمكن أن تطلع القارئ عن إصداراتك الكتابية خاصة الأخيرة منها؟



حجم
الرائحة، عبارة عن قصص استوحيتها من هموم القرية، ومن أجواء القرية، حتى أنني عُرفت في الوسط الكتابي بتناولاتي الكثيرة للريف، لأنني عشت طفولتي كلها في القرية، ودائمًا الإنسان ابن بيئته، ولا شك أن ذلك، شئت أم أبيت، سينعكس على كتاباتي. فعندما يغادر الإنسان قريته يبدأ الحنين لهذه القرية ومجتمع القرية، ويلاحظ مثلاً الإنسان عندما ينتقل إلى مجتمع مدني، يشعر أنه قد افتقد أشياء كثيرة، فيبدأ في توثيق هذه الأشياء التي يشعر بأن المدنية سوف تزحف عليها وتنهيها، وربما لن يتحدث عنها أحد، فمن هذا الجانب يبدو أنني كنت أهتم بمجتمع القرية، ومجتمع الريف.


بعد مجموعتي القصصية حجم الرائحة، أتذكر في تلك الفترة أنني انتقلت إلى مدينة صنعاء وكان جوها المناخي يختلف عن جو مدينة تعز المعتدل، كانت صنعاء بالنسبة لي باردة، ولذلك عملت مجموعة اسمها البرد، كانت تتحدث عن قوة البرد في صنعاء وهذا أثار لديّ تساؤلاً... كثير من القصص في المجموعة: البرد؛ تتحدث أيضًا عن تعز وعن صنعاء، لكن البرد، كانت القصة التي أخذت اسم المجموعة.




 ثم في 2006، أصدرت مجموعة أسميتها رواية قصصية بعنوان الضباب أتى.. الضباب رحل" هادرة عن دار نجاد للطباعة والنشر، وكل قصصها تتحدث عن القرية، حتى أنني قلت بأنها رواية قصصية، ولم أقل بأنها مجموعة قصصية بسبب أن خيط الزمان والمكان موجود فيها، فالمكان داخل القرية، والزمن داخل القرية.


أما المجموعة الرابعة فقد كانت بعنوان "قليل من الدفء يكفي"، وصدرت عن دار أروقة في 2020، وقد جمعت هذه الأعمال كلها في مجموعة أسميتها الأعمال الكاملة، وصدرت أيضًا عن دار أروقة.



وتخللت هذه الإصدارات رواية نهاية قمحية التي اصدرت عن اتحاد الأدباء والكتاب، وحصلت على جائزة السعيد الثقافية، ثم في2007 أصدرت كتاب "اليمن في عيوني" بعنوان جانبي هو "قراءة في تنهدات الأمكنة الأثرية باليمن" ويحكي عن مناطق تاريخية أثرية زرتها وكتبت عنها في مجلة الموقف، ثم نشرت ما كتبته من استطلاعات في مجلة الموقف في هذا الكتاب، وكانت عبارة عن أحاديث وابتهالات، مثلاً : عن قلعة ثلا، وجامع ثلا، وشوارع ثلا مثلاً والطويلة، وصنعاء القديمة، وقلعة رداع، ومدينة تعز القديمة، وغير ذلك وكان لديَّ حلم أن أكمل الجزء الثاني من هذا الكتاب، فكتبت عن عدن. وعن سيئون، وعن مأرب. وهو مشروع في الطريق.. أتمنى أن يرى النور إن شاء الله.

 





سبق وذكرت حصولك على جائزة لأحدى رواياتك حدثنا عن
ذلك، وعن روايتك (نهاية قمحية)؟


 حصلت على جائزة مؤسسة السعيد الثقافية، كان هذا في عام 2004 في دورتها التي خصصت للرواية، ومُنحتها عن روايتي (نهاية قمحية).

 



وهي رواية تتحدث عن جيل الثورة اليمنية، الجيل الذي صنع ثورة سبتمبر (26 سبتمبر)، الثورة اليمنية الخالدة التي قسمت الزمن إلى قسمين: قسم الجهل والتخلف والمرض، وقسم الحلم بوطن جديد مشرق، وكانت اللحظة التي ركزت عليها هي لحظة حصار السبعين، وكيف ناضل الجيل من أجل انتزاع حقهم من فم الذئب حتى حصلوا على ثورة كاملة، وكسروا الحصار الذي كان محدقًا بهم من قبل القوى الظلامية الإمامية. ومضت اليمن بشكل نستطيع أن نقول إنه انتصر للإنسان البسيط الذي كان يحلم بالمستشفى، والمدرسة، والطريق المعبد، ووسائل الاتصالات الجديدة، والتعليم المتقدم، حدثت حركة مهمة جداً في مشهد حياة اليمنيين، وكان لابد أن نقتنص هذه اللحظة، ونبني عليها. ولهذا أيضًا، ولأني كنت ابنًا متأثرًا بهذه اللحظة التي لم أعشها حقيقة، ولكني سليل هذه اللحظة، وتأثرت كثيراً بلحظة حصار ال70 يومًا تحديدًا، التي تناولها كثير من الأدباء والكتاب والفنانين والسياسيين، و كانت لحظة فارقة في حياة اليمنيين، و انعكست على كل إبداعاتهم.

 




أستاذ محمد، لكل كاتب
مجموعه قصصية أو رواية هي الأقرب إليه، أو يمكن القول مميزة جداً بالنسبة له، فماهي الرواية الأقرب إلى قلبك؟


الكاتب
يعتبر دائمًا كتاباته كما لو أنها أولاده فكل كتاب كانت له ظروفه الخاصة، وطريقته الخاصة، وولادته الخاصة. فلا أستطيع أن أقول مثلاً هذا أجمل من هذا، أو هذا أجمل من ذاك، جميعهم كما لو أنهم مثل أبنائي.

 

إرم للدراسات الثقافية، مؤسسة خاصة بك، هل يمكن أن تحدثنا عنها أكثر؟

 

كان لدي ترخيص باسم مركز إرم للدراسات الثقافية والدراسات التاريخية، الترخيص استخرجته في عام 2013 من وزارة الشؤون القانونية، بدأت نشاطها وأصدرت من خلاله عددين باسم مجلة إرم، لكن ظروف الحرب بعد ذلك اعاقت نشاطي فلم أستطع الاستمرار، خاصة ومركزها يقع في صنعاء، حيث قل النشاط الثقافي بسبب الحرب، لكن الترخيص مازال سارياً ويحتاج للتجديد، وهو يحتاج إلى وقت وجهد وإمكانيات لا أمتلكها.

 

هذا يجعلنا نتجه إلى السؤال التالي، كيف تصف الوضع الحالي للمشهد الثقافي في اليمن؟

 

  من الصعب الحديث عن المشهد الثقافي في اليمن في هذه الآونة لأسباب كثيرة، منها على سبيل المثال توقف الصحف والمجلات وهجرة العقول، وتوقف القنوات التي كانت في الداخل، إلا أننا ولسبب غريب نشهد تعافياً، مثلاً في الكتابة الروائية، وفي كتابة القصة القصيرة أحيانًا، خاصة مع نشاط نادي القصة في صنعاء، وهذا يحسب للنادي، أنه هو المنتدى الوحيد الذي ينشط في صنعاء في ظل هذه الظروف، لكن أكيد المشهد لم يعد يحتضن كُتابًا جددًا، كما كنا نأمل. فمثلاً النشاط خفت في عدن وفي تعز وفي حضرموت وفي المهرة وفي مأرب، خاصةً بعد ما أغلق اتحاد الأدباء والكتاب اليمينين. الذي كان يحتضن كثيرًا من الكتاب، أصبح الوضع أشبه ما يكون بالراكد.

وحتى إن كان هناك رفد للمشهد ببعض المواهب الجديدة، إلا أن هذه المواهب تشعر أنها بدون حواضن تستقبلها وتنمي مهارتها ومواهبها، وما نراه الآن من تعافٍ في المشهد، ربما لو كان يوجد استقرار، كان الموضوع سيكون أفضل.

 

إقليم الجند من وجهة نظرك، كيف نعيد دوره كمركز إشعاع ثقافي وفني وأدبي وكنموذج لبقية الأقاليم؟

 

في الحقيقة (تعز وإب) المحافظتان الوحيدتان في الجمهورية اللتان فيهما مخزون بشري هائل، وهذا المخزون البشري نوعي، يعني معظمهم على درجة من التعليم، وكان يعني من الطبيعي أن يفرز هذا الكم في التعليم، كمًا أيضًا في الكيف، ودائمًا الناس يراهنو على المخزون البشري، ورغم أن هناك نشاطًا كبيرًا، لكن أعتقد أن هذا النشاط فيه صخب إعلامي وغير حقيقي، بسبب تقسيم تعز إلى ثلاثة أقسام، الساحل الغربي والمدينة القديمة مع التربة وجانب آخر شمال المحافظة الحوبان، فأعتقد أن هذه التجزئة لتعز وتقسيمها شوها المشهد الثقافي، تعز عندها قدرات أكثر من ذلك،
وفيها كوادر قادرة  على تغيير المشهد اليمني برمته، فهي مدينة وسطية، ومدينة قادرة على الانبعاث،
لأنها تتكئ
على إرث جمالي وتاريخي، يمكن أن أقول بأنه ساحر، خاصة وأنه يتكئ على الدولة الرسولية،
كل
المهتمين والدارسين بالتاريخ يعرفون بأن تعز كانت عاصمة لدولة مهمة جدًا في التاريخ العربي،
حتى
أن المؤرخ محمد محمد المجاهد كتب كتابًا بعنوان" تعز غصن نظير في دوحة الأمة العربية"،  

واستعرض فيه تاريخ الدولة الرسولية ، وما أنجزته من معرفة، وما أنجزته أيضًا من حضور عميق على المستوى العربي والعالمي.





من وجهة نظرك هل يكون الحل في الدولة الاتحادية؟

 

نحن لو وضعنا شاشة أمامنا ونظرنا إلى هذه الشاشة، وفيها خارطة اليمن، سنلاحظ أن هناك سهولاً، وهناك جبال، وهناك سواحل، وهناك هضاب. ولا شك أن هذه الجغرافيا يسكنها الكثير من الناس، وهؤلاء لهم ثقافتهم البسيطة، ثقافتهم المميزة فمثلاً سكان تهامة يتميزون بالبساطة والهدوء، والمحبة والرقة. بينما سكان الجبال أكثر صخبًا، وأكثر محبة للبقاء في أعالي الجبال، وكذلك في المناطق الوسطية، ستجدين أن الجغرافيا البشرية تلاقحت وأصبحت خليطًا من الشمال والجنوب، وفي ناس يعني (مولدين) تستطيعين أن تقولي داخليًا، لهم أيضًا ثقافتهم، فالأقاليم هي فكرة قد يكون فيها الحل، خاصة وأن اليمن جربت كثيرًا من نظم الحكم، كانت في الماضي اليمن عبارة عن (دولة في الجنوب ودولة في الشمال)، وكان دائمًا تقام حروب بين هاتين الدولتين، وقد كان الحل قبل عام 1990 في عدم بقاء اليمن دولتين أو شطرين، وكان الحل بالوحدة، لذا لا يخشى أن تكون في اليمن دولة اتحادية.

لماذا؟

لأن التنوع الثقافي موجود أصلًا داخل اليمن، لماذا نحن نتقبل أن نقول هناك المدرسة اللحجية في الغناء والمدرسة العدنية والمدرسة الصنعانية، ولن نقبل أن يكون هناك حكم اتحادي، وعلى فكرة هذا النوع من الحكم نجح في العالم كله، أميركا بحد ذاتها هي دولة اتحادية، ومعظم البلدان هي دول اتحادية، ولكن تخلق أنظمتها من داخلها. اليمن بعد حرب1994، كان كثير من العقلاء بعد تلك اللحظة، لحظات الجنون، طرحوا فكرة أن يكون هناك حكم محلي واسع الصلاحيات، وكان بالإمكان التطبيق أيضًا في إطار تراكمي للوصول إلى دولة اتحادية، لكن أحبط هذا المشروع مثلما أحبط الآن مشروع الدولة الاتحادية.

والدولة الاتحادية هي الحل والحل، الكبير جدًا، وما دام اليمن يعيش دائمًا مراحل الصراعات ومخاضات، فلماذا يخاف الناس من الدولة الاتحادية؟ لماذا لا يتفق العقلاء على شكل جديد من أشكال الحكم؟ أين الوضع الذي يخيف؟

خاصة وأننا نعرف أن معظم الأقاليم فيها طرق جديدة للعيش فيها، مثلًا إقليم أزال إقليمًا، يعني فيه آثار وفيه أرض خصبة وفيه كادر بشري مهم ومدهش، يستطيع أن يتميز داخل اليمن، وإقليم حضرموت، هذا من الأقاليم التي تستطيع الاشتغال على الزراعة والصناعة وبيئة صالحة للنماء وفيها رؤوس أموال، وصنعاء مثلها وتعز وإب وعدن ولحج والضالع

لكن كما يقال شيء أفضل من لا شيء في ظل الوضع الحالي، وفي ظل التمزق، وما يحدث من نشاط هو في إطار التخلق الجنيني، وستكون لبنة لأقاليم متكاملة إذا خطونا فيها الخطوة الاولى. ومن الجيد أن الناس ينشطون بهذا الاتجاه، لكن لن تكتمل الصورة إلا بانتهاء الحرب. إذا انتهت الحرب، ستتضح الصورة، وسيكون المشهد واضحًا أمامنا في الشاشة.

 

وضِّح أكثر؟

 

يمكن أن يتم ذلك من خلال الإرادة. أن يقوموا بتشكيل قيادة ثقافية للإقليم، وهذه القيادة تعمل تصورًا لعمل نشاط ثقافي يتضمن هذا التصور، إما إحياء المؤسسات القديمة مثل الأندية الرياضية، وصحيفة الجمهورية، والصحافة الأخرى، مثل ما قلت لك في السابق اتحاد الأدباء، ونقابة الصحفيين، إما أن يفعلوا هذه المراكز والبنيات، وإما أن ينطلقوا إلى أشكال جديدة تتوافق مع الظروف الحاضرة.

 

إقليم الجند من وجهة نظرك، كيف نعيد دوره كمركز إشعاع ثقافي وفني وأدبي وكنموذج لبقية الأقاليم؟

 

بخصوص الأقاليم، أنا نفسي أقول لك إنه دائمًا ما يستشهد بأنه في عهد الإسلام، أو عند ظهور الإسلام جاء على ثلاثة أقاليم في اليمن، وهي: إقليم صنعاء، وإقليم حضرموت، وإقليم الجند، وقد أقر رسول الله ذلك وفي ذلك دلالة رمزية حتى على المستوى الديني العقائدي، بشكل عام مثلًا جامع الجند الآن قد يكون رابع أو خامس مسجد في العالم الإسلامي، ولو هناك اهتمام لأصبح من ضمن المزارات الموجودة في العالم الإسلامي.

وهذا الإرث الكبير الطويل العريض العميق، يجعلنا أمام سهولة في الانطلاق إلى خطوات جادة، وأهم شيء في الموضوع يحتاج إلى إرادة، إذا كان هناك إرادة إدارية محنكة، يعني قادرة أو تريد أن تغير المشهد، أو تريد أن تعمق المشهد داخل اليمن ككل؟ فهذا ليس بعيدًا، أهم شي يحتاج إلى مسؤولين عندهم وعي بأهمية هذا الإقليم، وبأهمية ما يزخر به من عطاء، وما فيه من كادر بشري، فالعالم كله الآن يركز على الكادر البشري، إلى أن تتعافى الدولة أو السلطة كاملة.

 هل تعتقد أن بعض المؤسسات، أو بعض الأشخاص يستطيعون أن يعملوا بعض الخطوات التي تساعد على إنعاش هذه الأشياء؟

 

نعم يستطيعون جدًا، إذا كان هناك تكاتف في الجهود، لابد أن تكون لدينا خطة، إذا كانت هناك خطة، ما هو هدفها؟ ماذا تريد؟

لأن أي خطة لابد أن يكون من ورائها هدف. فنحن إذا أردنا في الأساس أن نعمل ندوات، وإذا أردنا أن نعمل بنية تحتية داخل الإقليم. نحتاج أولًا أن نصيغ هذه الرؤى وفق معايير، كيف سنعملها، وكيف سنحقق أهدافنا؟ وماذا سنعمل، وماذا نريد؟ وخلال كم سنعمل هذا الشيء؟

 فإذا اجتمع الناس على هدف أو مجموعة من المثقفين القادرين على العطاء، وهناك من يدعم مشروعهم، أو يفعلوا المؤسسات الموجودة سابقًا، فرع اتحاد الأدباء في تعز تفعيلاً حقيقيًا، وليس تفعيلاً شكليًا، أيضًا مؤسسات السعيد الثقافية، كانت مكتبة السعيد الثقافية، قبلة لطلاب اليمن كلهم، يعني كان يأتيها الطلاب أحيانا من صنعاء وإب وحضرموت، لأنها كانت أهم مكتبة يمنية حديثة، بسبب أن بيت هائل عملوا على رفدها بالكتب الجديدة كل عام، لكني سمعت بسبب الحرب قد أعيق مشروع المؤسسة وأنهم الآن في طريقهم إلى العودة، لو بدأوا بهذا الحراك سيتعافى المشهد، ستعود الأشياء كلها، وستنطلق، البنية التحتية بنفسها.

 

أستاذي القدير.... كلمة أخيرة تحب أن تقولها..

 

أقولها لأبناء (إب وتعز): إن اليمنيين جميعهم ينظرون إليكم.. بمزيج من الأمل والمحبة، فلا تخيبوا المشهد الثقافي اليمني، وبادروا إلى وضع اللبنات أو محطات تكون نقاطًا لانطلاق الوعي الجماعي.

 

أستاذ محمد عبد الوكيل جازم.. شكرًا جزيلًا باسم مبادرة إقليم الجند على هذه الاستضافة، وهذا الحوار الشيق..

 

الشكر موصول لكم على هذا الاهتمام وتسليط الضوء على هذه القضايا المهمة.

 

كلمات دلالية
  1. لا يوجد اي تعليق
أضف تعليقا

مواضيع ذات صلة