• الرئيسية
  • حوارات
  • إقليم الجند مُؤهل لكي يقود نماذج تنموية حقيقية جاذبة لبقية الأقاليم

إقليم الجند مُؤهل لكي يقود نماذج تنموية حقيقية جاذبة لبقية الأقاليم

Email :

خاص بمبادرة إقليم الجند: أجرت المقابلة / إيناس العبسي 


الدكتور عبد الرقيب سيف فتح - وزير الإدارة المحلية ، ورئيس اللجنة العليا للإغاثة سابقاً،  عمل في مجال الإدارة المحلية والإغاثة مايقارب ثماني سنوات ، لدية خبرة كافية حول الموضوع المحليات وفي الجانب الإغاثي، وكيفية مواجهة التحديات الإغاثية لتوجيه المنظمات الدولية.


أهلاً بك دكتور عبد الرقيب معنا في هذا الحوار .....
بدايةً هل تابعت أوشاركت في الحوار الوطني الذي دار بين اليمنيين لعام كامل في 2013م فيما سُمي بحوار موفنبيك ؟


 كل علماء الفيدرالية يقولون : بأن الدولة التي تحدث فيها صراعات ،
عليها أن تختار النظام الفيدرالي الذي يتناسب مع حل مشاكلها .



أثناء الحوار الوطني، كُنت نائب لوزير الإدارة المحليه في الوزارة، عملت عملاً متوازياً مع مخرجات الحوار أو قبل خروجها.. أعددتُ فريقاً متكاملاً في الدائرة المحلية لمايقارب  (160) موظفاً أهلتهم تأهيلاً علمياً حول المحليات والفيدرالية والأقاليم ، وأعددنا في الوزارة بالتعاون معالي الوزير الأخ علي اليزيدي دراسة متكاملة حول الفيدرالية أو الدولة الاتحادية التي تصلح في اليمن، كما تعرفين في العالم هناك 28 دولة فيدرالية، لكن كل تجربة تختلف من دولة إلى أخرى، كل علماء الفيدرالية يقولون:  بأن الدولة التي تحدث فيها صراعات ، عليها أن تختار النظام الفيدرالي الذي يتناسب مع حل مشاكلها .أقدر أقول بأنني مُتابعٌ جيد لموضوع الحوار الوطني، ودارسٌ موضوع الفيدراليات ، وقمت بدراسة مقارنة في رسالتي للدكتوراه، حول الفيدراليات بالمقارنة مع مخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور، وأبديت ملاحظات على مسودة الدستور وكذلك بعض النقاط التي يجب أن تتضمن إذا كان هناك حوار قد تم حول الدستور ؟!


كيف تابعت مجريات الحوار الوطني ؟


كان حوار بالنسبة لي ، شيئاً إيجابي ، فالله سبحانه وتعالى تحاور مع الشيطان. من هنا الحوار بصورة عامة هو شيء إيجابي .. واليمن قدمت تجربة رائدة وجيدة في الحوار الوطني الذي استمرما يقارب السنة برعاية دولية وبرعاية فخامة الرئيس السابق أيضاً، الذي أعتبر أنه هو صاحب المشروع الأول للحوار الوطني وللدولة الاتحادية. وما خرج به مؤتمر الحوار مثل نقلة نوعية ، لأول مرة اليمنيون يتناقشون حول دولتهم وحول مستقبلها ، ويتناقشون ماهو مستقبل الدولة التي يجب أن يعيش فيها الشعب اليمني ، لواستمر مؤتمر الحوار أو لو كانت مخرجات الحوار تم تطبيقها ماكنا بحاجة إلى حرب ، أنا لدي اعتقاد كبير أن أحد أسباب الحرب التي حدثت على الشعب اليمني(هي مخرجات الحوارالوطني) ، لأنه كان سينهي الدولة المركزية ويؤسس لدولة لامركزية نتشارك فيها في السلطة والثروة.





هل المجتمع الدولي كان مع فكرة الأقاليم ؟


 

بعد ثورة الشباب في 11 فبراير ،كان هناك جوٌ ملائم لكي نطبق خيارات الشعب اليمني .





المجتمع الدولي في الأساس لا يعارض أية صيغة يتفق عليها الشعب حول قضية معينة ، قد تكون هناك بعض التعارضات مع مصالح دولية لا تحب الاستقرار في اليمن ، لكن بصورة رئيسية الشعب اليمني كان قادراًعلى فرض خياراته بصوره واضحة ، وبعد ثورة الشباب كان هناك جوٌ ملائم لكي نطبق خيارات الشعب اليمني ، لكن  - للأسف الشديد – قوى التكبر والطغيان تآمرت على مخرجات الحوارالوطني، وقادت حرباً نعاني ويلاتها حتى الآن .




من وجهة نظرك.. النقاش الذي دار حول عدد الأقاليم والاختلاف الذي دار حول هذا 
الموضوع، هل حقيقة الأمر كان حول عدد الأقاليم ؟


في كل العالم ، الأقاليم لا تخضع إلى مقاييس معينة أو معايير معينة ، وهناك أقاليم تتم على أساس جغرافي ، وهناك أقاليم تتم على أساس اقتصادي ، وهناك أقاليم تتم على أساس فئوي ، لكن أيديولوجيا الشعب اليمني كانت هي الأقرب للواقع ، أن يكون هناك في ستة أقاليم ، إقليمان في الجنوب ، وأربعة أقاليم في الشمال، بصراحة كانت هذه الفكرة ستؤدي إلى نوع من التنمية المحلية الحقيقية وإلى التنافس الحقيقي ، فالأقاليم بصورة عامة لا تُبنى بصيغة معينة في كل الدول الفيدرالية الـ 28، هناك تنوع في موضوع بناء الأقاليم وكيفية إعدادها يعتمد على ما يتفق عليه الناس .



من وجهة نظرك ماهي أهم التحديات التي أفشلت فكرة الدولة الاتحادية في 2014 ؟




أعتقد أن السبب الرئيسي في إفشال فكرة الدولة الاتحادية هي مراكزالقوى التي تعودت على نهب الشعب اليمني ،
وتعودت على أن تجعل من الوحدات المحلية نوعاً من الجباية ،فرأت بأن هذه الأقاليم ستنهي هذه الجباية وهذا التسلط .



أنا أعتقد أن السبب الرئيسي هي مراكزالقوى التي تعودت على نهب الشعب اليمني ، تعودت على أن تجعل من الوحدات المحلية نوعاً من الجباية ، رأت بأن هذه الأقاليم ستنهي هذه الجباية وهذا التسلط ، عندما يكون هناك أقاليم سيخلق نوع من التنافس الداخلي ، وسيكون هناك نوع من الشراكة في التخطيط والتنفيذ ، وستكون هناك أيضاً سلطة حقيقية للمواطن اليمني على مستوى المحليات ، ستنتهي المركزيات والتسلط وسينتهي كثيرمن مساوئ الدولة المركزية ، مراكز القوى رأت أن هذا الأمر سيؤثر على تسلطها على الأقاليم ، فقامت بانقلاب حقيقي على مخرجات الحوار ، بمعنى أن ما حدث من قبل بعض قيادات المؤتمر الشعبي بالرغم من أنه كان مشاركاً في الحوار الوطني ،والحوثيين كانوا مشاركين في الحوار الوطني لكنهم انقلبوا عليه ، في النهاية عندما شعرت مراكزالقوى أن مصالحها سوف تتأثر عملت على إفشاله ، فالتحدي الرئيسي هو مراكز القوى التي حكمت اليمن أكثر من 33 سنة ، هي التي تآمرت فعلاً على مخرجات الحوار ، وهي أيضاً التي أفشلت المخرجات ، وهي التي قادتنا اليوم إلى حرب أدت إلى شتات ، نحن الآن موجودون كلنا في الشتات.. نحن هاجرنا من اليمن ، وهذا للأسف الشديد شيء مخيف ، يعني يتواجد ما يقارب مليوناً ونصف المليون في مصر مثلاً، وفي دول الخليج أكثرمن 3.000.000 ، فالشعب أينما وجدت المليشيات يهرب ويترك لهم البلد ، وهذه إشكالية رئيسية .



عشر سنوات من الحرب والأعاصير التي مرت بها اليمن ، هل أثرت من وجهة نظرك على فكرة الأقاليم ؟


أستطيع القول ، أنا عندي تعصب للدولة الاتحادية والأقاليم ، فلذلك أقول لايوجد مخرج لإنصاف الشعب اليمني ولإيجاد قضايا عادلة في اليمن إلا من خلال دولة اتحادية نتشارك فيها. في السلطة والثروة ، ونحاول إيجاد نماذج حقيقية للحكم على مستوى المحليات ، نوجد تنمية محلية حقيقية ، اليوم المواطن بصورة رئيسية لا يتعامل مع الوزير أو مع رئيس الجمهورية ، لكنه يتعامل مع المحافظ ، مع مدير مديرية ، مع مدير مركز تعليمي ،  مع مركز صحي ، فهو مازال وسيبقى بحاجة إلى الدولة الاتحادية إلى اللامركزية في الحكم إلى الدولة الاتحادية التي تمنحه فرصة، كما أوضحت في التخطيط والتمثيل وتحمل المسؤوليات ، علينا أن نثق أنفسنا بأننا قادرون أن ندير الشأن المحلي بأنفسنا ، إذ لا يمكن أن يكون هناك تعيينات لمدير مديرية يأتي من المركز بصورة رئيسية..أنا درست فكرة الدولة الاتحادية وجدت أنّ أكثر الدول استقراراً وأكثر الدول تنمية في العالم ، هي الدول الاتحادية، فأنا مازلت أقول أنها مازالت صالحة بل هي الحل الأمثل لكثير من النزاعات التي حدثت وتحدث وستحدث في اليمن .




من وجهة نظرك.. هل الأوضاع التي تمر بها البلاد تكرس فكرة الأقاليم.. أم العكس ؟


بالعكس هي تؤكد أهمية الأقاليم ، أنا أقول إن مايحدث في المحافظات الجنوبية من مطالب بانفصال ومن بعض المطالب المتطرفة ليس لها حل إلا بالأقاليم. نحن مثلاً في إقليم الجند ،نستطيع أن نُحدث تنمية محلية متكاملة وبقية الأقاليم أيضاً تستطيع أن تعتمد هذه التنمية ، فكثيرٌ من الصراعات التي تحدث الآن سواء في الجوانب المالية أو جوانب الإيرادات السيادية لا حل لها إلاّ بالأقاليم .


فكرة الأقاليم والدولة الاتحادية كيف يمكن إعادتها من جديد ؟


أنا أعتقد إنه لا خيارأمامنا إلاّ بالدولة الاتحادية ، وكل المبادرات التي تطلق وتحاول أن تتجاوز مخرجات الحوار الوطنية تفشل ، فلذلك طال الزمن أو قصر ، سنعود إلى اللامركزية في الحكم ، نحن جربنا المركزية 33 سنة ، فشلنا فشلاً ذريعاً قد لا تكون بسبب فكرة المركزية لأنه توجد دول مركزية ناجحة ، لكن نحن للأسف الشديد لم ننشئ مؤسسات دولة حقيقية،  بحيث يكون هناك فصل في السلطات ويتم فيه حساب للمسؤولين بمن فيهم رئيس الجمهورية ، لكن كل من يتولى الحكم يعتبر كأن البلد هي ملكٌ خاص له يوزع ويهب مايشاء ، فهذه هي الإشكالية الرئيسية ، فلذلك لاخيار أمامنا إلاّ بالدولة الاتحادية فهي الحل الرئيسي. وأنا دائماً أقول بأن أي حلول تتجاوز مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والآلية التنفيذية لها ، وكذلك قرارات الشرعية الدولية لا يمكن أن تنجح في اليمن إلا بالدولة الاتحادية .





دكتور.. التفكير في العودة إلى مخرجات الحوار الوطني وتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم ، في رأيك هل لا يزال هذا الخيار قائماً وممكناً اليوم ؟


كثيراً من الذين ينتقدوا الفيدرالية لم يطلعوا عليها ولم يقرؤوا حولها ،
لذلك فإنّ كثيراً من التخوفات هي تخوفات سمعية وليست وفق اطلاع حقيقي .

 




ما احب ان اوضحه لك وللمتابعين بصورة عامة وللمؤيدين لفكرة الدول الاتحادية أن موضوع عدد الاقاليم أو تسميتها ليس هما المشكلة الرئيسية ، فمن الممكن أن نسميها أقاليم أو نسميها وحدات ، وممكن أن نسميها محافظات ، وممكن أن نسميها مخاليف ، وممكن أن نسميها كنتوناً كما هوموجود في سويسرا مثلاً أو نسميها ولايات كالمعمول به في الولايات المتحدة الأمريكية ، ففكرة التسمية ليست هي الإشكالية الرئيسية ، حتى عدد الأقاليم ممكن أن نُراجعها ، الإشكالية الرئيسية هي في الدولة الاتحادية ، الدولة الاتحادية تعمل شيئاً رئيسياً في قضية الحكم المركزية ، هي تعمل على تقنين الصلاحية والمسؤوليات والسلطات ما بين المركز والوحدات المحلية هذا يقنن في الدستور، لذلك فإن من يثيرون التخوفات حول الأقاليم ليس لديهم أي حق أو لا يدركون حقيقة تخوفاتهم ...على فكرة أحب أن أوضح لك ، أنا عملت دراسة وأنا وزيرإدارة محلية ونائب وزير إدارة محلية حول الفيدرالية ، وما هي الصيغة التي تصلح لليمن وقمنا بعمل نوع من المقابلات(حيث قمت بإحضارخبير أجنبي ولدي مساعدان إثنان يمنيان ) مع القوى السياسية من المنشغلين بالشأن العام ، أثناء مؤتمر الحوار للأسف وجدنا أن كثيراً من الذين ينتقدوا الفيدرالية لم يطلعوا عليها ولم يقرؤوا حولها ، لذلك فإنّ كثيراً من التخوفات هي تخوفات سمعية وليست وفق اطلاع حقيقي ، فلذلك مازالت هذه الفكرة مهمة . أنا قرأت مسودة الدستور الذي أعدته اللجنة الوطنية التي شكلت و قدمت مقارنات ومقاربات ما بين دساتير الدول الاتحادية ، وبين ما هو مناسب لليمن. فلذلك نحن بحاجة حقيقية إلى أن نعيد قراءة مسودة الدستور وأن نضيف إليه ونحذف ما يمكن ، يعني لا يوجد إشكالية في هذا الأمر ، فلذلك أنا أقول لا يوجد أي تخوف من الأقاليم ولا يوجد أي تخوف أيضاً من الدولة الاتحادية ، بالعكس هو سيرسخ شراكة حقيقية للسلطة والثروة ، كما أوضحت سيرسخ أيضاً نوعاً من المشاركة الوطنية الحقيقية و سيعطي نوعاً من الإحساس بالولاء الوطني .




لماذا هناك تخوف من قبل البعض حول فكرة الأقاليم ؟


من المؤكد أن فكرة الأقاليم والدولة الاتحادية أو الفيدرالية هي فكرة جديدة  . تحتاج كل الدول التي تتبع هذا النظام أن تدخل مرحلة يسمونها مرحلة الحضانة ومرحلة انتقالية ، هذه المرحلة يجب أن يكون فيها نوع من التوعية ، نوع من الدراسة لحياة الأقاليم ، لا يمكن أن نقول لإقليم مثلاً مثل(إقليم أزال)- اذهب أنت وربك فقاتلا، من الضروري أن نعمل له نوعاً من الحضانة ، بحيث ندرس إمكانياته الدولة المركزية والحكومة المركزية تقوم بعمل هذه الحضانة للأقاليم الغير قادرة عن إدارة نفسها ، يعني ما أحب توضيحه أنه قبل تنفيذ فكرة الأقاليم سيكون هناك نوع من التوعية ، نوع من التهيئة ، نوع من الدراسة للوضع ومن هنا يمكننا نحن أن نعطي صلاحيات سريعة لهذا الإقليم . وهذا الإقليم يمكن نأجيله ، وهذا الأقليم يمكن أن يظل تحت رعاية المركز لفترة معينة ، فلذلك عملية الحضانة هي عملية مهمة وهي عامل رئيسي لنجاح الفكرة .




هناك بعض الإعتراضات لطريقة تقسيم بعض الأقاليم كمثال (إقليم الجند) حيث أنه يضُم أكبر تجمع سُكاني وهما محافظتي (تعز وإب ) فهل تتفق مع وجهة النظر هذه ؟


لا ، تعز وإب تُعتبران أكبر تجمع سكاني ، وهو إيجابي وسلبي ، الإيجابي أنّ التنمية البشرية أصبحت الآن هي عامل رئيسي في التنمية ، وهناك أيضاً إمكانيات لأن تكون أهم من المورد البترولي أو من مورد الغاز أو من أي موارد أخرى ، والسلبي هو وجود كثافة سكانية في كيلومتر معين مثلاً في تعز بحدود 10.000كيلو يوجد 4.000.000 مايقارب 400.000 في كل كيلو مترمربع ،هؤلاء يمثلون أعباءاً على التنمية المحلية ويمثلون أيضاً تحديات كثيرة جداً ، لكن أنا من دراستي لموضوع الأقاليم فمثلاً إقليم الجند يمكن أن يكون فيه فيدرالية تكاملية ، ليس كل إقليم منفصل ، بالعكس أنا أقول نوجد تكاملية في التنمية ، تكاملية في استقطاب الطاقات ، تكاملية ... كون إقليم الجند بهذه الكثافة سيكون عاملاً إيجابياً تحتذي به الأقاليم الأخرى .






أثار البعض أثناء مؤتمر الحوار عدم موافقته على فكرة الأقاليم الستة ما هو عدد الأقاليم التي من الممكن أن تكون محل إجماع كل اليمنيين ؟


أوضحت في الإجابة على السؤال السابق ، أن الأقاليم ليست هي المشكلة سواء من حيث التسمية أو من حيث العدد ، فيمكن أن يتم إعادة النقاش فيها ونستبعد أو نضيف مناطق ..ليس هذا هو الجوهر في الدولة الاتحادية .



هل يعني هذا أنه بالإمكان زيادة عدد الأقاليم ؟

يجب أن نؤسس لأقاليم لا تؤدي إلى انفصال ، يعني حين يقال إقليم في الجنوب وإقليم في الشمال ، لا  ، فهنا يُؤسس بطريقة غير مباشرة لموضوع الانفصال  (إقليمان في الجنوب و إقليمان في الشمال) ، فنحن نريد أن نعمل صيغة تحافظ على الدولة وعلى الوحدة اليمنية ، كل الدول الفيدرالية فيهاحكومة مركزية قوية، لايوجد في العالم دولة فيدرالية يشوبها ضعف في المركز ، بالعكس كل الدول الفيدرالية فيها حكومة قوية ، الفارق أن هذه الحكومة القوية المركزية محدد مسؤوليتها وصلاحيتها لاتتدخل في الوحدات المحلية ، أو في الحكم المحلي وهذه هوالشيء الإيجابي في الموضوع .


دكتورإقليم الجند المكون من محافظتي (تعز وإب) هل تعتقد أن هذا الإقليم يمتلك مقومات النجاح كإقليم نموذجي؟


أعتقد أن هذا الإقليم من الأقاليم التي ممكن أن تنقل له صلاحيات المسؤولية والسلطات بصورة سريعة كإقليم حضرموت أو إقليم عدن ، لأنه يمتلك كل الإمكانيات لإدارة نفسه بنفسه ، الإمكانيات البشرية والهياكل التنظيمية ، القوى التي تستطيع أن تدير عملية التنمية على مستوى الإقليم رغم الكثافة السكانية ، وإن كانت فيها ندرة في الموارد الطبيعية ، لكن من خلال دراستي لهذا الإقليم أثناء عملي كنائب وزير وكان ذلك بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة الإنمائي (اليو إن دي بي ) قمنا بتصميم دراسة متكاملة لإقليم الجند ، ووجدنا فيه إمكانيات تنموية غير عادية سواء كان في الجانب السياحي أو في الجانب التنموي أو في الجانب الصناعي أو في القدرات البشرية الموجودة ، وكنا بدأنا بتجربة حيث قمنا بأخذ إقليم الجند مع إقليم حضرموت مع إقليم تهامة وإقليم عدن ، سنحقق فيه نماذج تنموية تكون جاذبة لموضوع الأقاليم ، بحيث يمكننا القول أن هذا هو الفرق ما بين الدول المركزية وما بين الدول الاتحادية ، لكن - للأسف الشديد- تمت إعاقة الفكرة بما حدث من حرب وكارثة وانقلاب .




هل العودة إلى فكرة الأقاليم من شأنها القضاء على الحركات الانفصالية والمذهبية التي انتشرت أثناء فترة الحرب؟



أنا أقول أي مطالب انفصالية هي ترجع لجوانب تنموية وإلى الشعور بالظلم ، فكرة الدولة الاتحادية إنها تُنهي أو تحاول أن تُنهي موضوع المظلوميات بحيث إنها تعيد الأمر لأصحاب الشأن لأصحاب الحق ، فلذلك الدولة الاتحادية ستحقق نوعاً من العدالة ، ستعطينا حق إدارة أنفسنا بأنفسنا ..ب الخلاصة أصحاب الإقليم و أصحاب الانفصال ، ماذا يريدون أكثر من هذا ؟ أنا أدير نفسي بنفسي لي صلاحيات ، والمركز يُعيننا في توفير ضابط معين ، يعني مثل ما حدث الآن تدخل في كل شيء ، حتى على مستوى رقم الجلوس يأتي لنا من مركز يعني لا شبوة أو لا المهرة أو لأية دولة أخرى، لكن في الدولة الاتحادية سيكون الأمر ذاتياً في كثير من الأشياء التي يطالب بها الآن أصحاب الدعوة الانفصالية ممكن تنتهي بالدولة الاتحادية ، قد لا يقضي عليها ، أنا لاأدعي إنه سيقضي على كل المشاكل ، لكنه سيؤسس لعدالة نلتقي فيها جميعاً نتفق حولها جميعاً ، وهذه الفكرة أنا أمثلها (كالفريقين في لعب الكرة لأنه في ضابط في موضوع تحديد الحكم ، تحديد اللاعبين ،تحديد مساحة الميدان، تحديد كيف يلعبوا ، فيخرج الجميع راضيين بالنتيجة ) . فلذلك الدولة الاتحادية ستعطي كل إقليم حرية إدارة نفسه بنفسه ، سنحدد متى نتدخل ومتى نرفع أيدينا ، ما هي المشاريع التي تكون مركزية نتدخل فيها كمركز ، وما هي المشاريع التي تكون محلية تنفذ على مستوى المحليات وهذا سينهي كثير من الإشكاليات ، هذا تصوري حول هذا الأمر .


هل يمكن أن تكون الدولة الاتحادية الحل الأمثل لتقليل الصراعات القبلية والطائفية ؟


مئة بالمئة لأنه سيعيد الناس للنظام والقانون وستنتهي الحرب ، حتى في الدولة الاتحادية تعطي هذه الوجاهات نوعاً من الشراكة لا يلغيها ، لكن يجعلها داعمة للتنمية المحلية ، بحيث أنه عندما يكون لدي مشروع أتناقش فيه مع مكونات المجتمع المحلي ، فهذه المكونات سيكون من ضمنها الجانب القبلي بشكل أكيد ، يعني هذه الوجاهات ستجد لها نصيب في التأثير والتأثر في الدول الإتحادية .



دكتور ... هل الأطراف التي رفضت فكرة الأقاليم في السابق يمكن أن تعود إلى مناقشة الفكرة من جديد؟


أنا أعتقد أن هناك  جهل في فكرة الدولة الاتحادية وعدم اطلاع وقراءة حولها ، في دراستي للدكتوراه قمت بتحويله للكتاب الذي تم إصداره وهو يعطي خلفية كثيرة وكبيرة جداً حول موضوع المحليات والدول الفيدرالية، فلذلك لو الناس قرأت ، (فدائماً الإنسان عدو مايجهل ) . لو قرأنا واطلعنا.... توجد عيوب سنحاول إصلاحها ، أنا لا أدعي أن الدولة الاتحادية هي الدولة المثالية ، لكن هي تعتبر الافضل المتواجد الآن على مستوى الواقع ، وهي الحل لكثير من الإشكاليات ، فلذلك لو نحن هدأنا قليلاً وعدنا .. لو كنا استكملنا مناقشة مسودة الدستور الذي يُعد ، وأضفنا أو حذفنا منه ، ماكنا احتجنا لهذه الحرب كلها أساساً .







دكتور.. نحن نٌمهد لإطلاق مبادرة إقليم الجند وستكون سعادتكم أحد أعمدة هذه المبادرة، ماهي توجيهاتكم ونصائحكم لتدشين هذه المبادرة ؟


إقليم الجند مؤهل لكي يقود نماذج تنموية حقيقية جاذبة لبقية الأقاليم ، وكذلك الإقاليم الشرقي الذي تثار فيه الآن إشكالية الموارد ، هذه الموارد في الدول الاتحادية قد تم حلها .


هُناك جهود تبذل على مستوى الإقليم الشرقي الآن ، والمبادرة هذه يفترض أن يكون هناك تنسق بين إقليم الجند والإقليم الشرقي ، إذا تمت الفكرة بين الإقليمين ، (سيكون الإقليم الشرقي وإقليم الجند هما الرافعة الرئيسية في الدولة الاتحادية الفكرة إيجابية بصورة رئيسية) ، لكن نحن بحاجة إلى نوع من الدعم الشعبي لها على مستوى الإقليمين ، إلى لقاء مع السلطات المحلية وشرح الفكرة للناس وإزالة أي التباسات لديهم ، فمشكلة الدولة الاتحادية كما أوضحت هي عدم معرفة الناس بها بصورة رئيسية ، يوجد جهل بالفكرة ، والعداء ناتج عن بعض القوى التي تُصدر بعض الأحكام حول موضوع الانفصال ، حول موضوع تقسيم اليمن ، حول موضوع التسلط ، وهذا كلام غير صحيح في الدولة الإتحادية هناك رقابة ذاتية ، وهناك رقابة حكومية ، هناك محاسبة ، بالعكس أنا عندما أراقب 20 على مستوى المحليات ، أفضل مما أراقب الدولة كلها ، بمعنى أن هناك إيجابيات في إقليم الجند لو بدأنا بالفكرة ونسقنا مع الأقاليم واستطعنا أن نجر أو نحاول أن نوجد نوعاً من الوعي في إقليم عدن وهو مؤهل ، إقليم تهامة أيضاً مؤهل ، الرابط الجغرافية الموجودة في الأقاليم تؤهل لإيجاد تنمية كلها متقاربة وهذا شيء طيب .عندما كنت في الإغاثة كمثال أبلغت المنظمات الدولية أنه بدلاً من أن تأتوا بالإغاثة لإقليم الجند من صنعاء بإمكانهم أن تأتوا بها من عدن . أقرب 70كيلو أو 120 كيلو أكثر من 250 كيلو تسافرون يعني، فلذلك الجوانب الجغرافية تساعد على فكرة الأقاليم وعلى فكرة التعاون فيما بينها ، إقليم الجند مؤهل لكي يقود نماذج تنموية حقيقية جاذبة لبقية الأقاليم ، وكذلك الإقليم الشرقي الذي تثار فيه الآن إشكالية الموارد ، هذه الموارد في الدول الاتحادية قد تم حلها ، إنه يتم إعطاء دولة المنبع نسبة معينة تختلف من دولة إلى أخرى ، يتم حل هذه الإشكالية ، ما أقصده عندما يمتلك أحداً مالاً موجود في الأرض هو يعتبرها ملكاً له ، طبعاَ في الدولة الاتحادية يعتبر المال الموجود في الأرض أوالموارد السيادية مثل أموال الوقف ، لاأحد يمتلكه ، لكن الكل يستفيد من موارده وهذا الذي تعمله الدول الاتحادية تجعل مواردنا بنسب معينة نتفق حولها كيف نُديرها وفق قانون مالي واضح ، فأنا أؤكد دائماً وأؤكد هذا الكلام من مُنطلق الباحث وليس السياسي ، مُنطلق الباحث الذي درس وعرف الإيجابيات والسلبيات .. فالدول الاتحادية هي مخرج للشعب اليمني .




كيف يمكن أن نبدأ بتطبيق فكرة الدولة الاتحادية ؟


نحن في ظل الحرب لانستطيع أن نحدد خطوات معينة ، الآن الأولوية كلها لإنهاء الحرب، بعد إنهاء الحرب ممكن أن نفكر بشكل منطقي ، حتى العالم ممكن أن يعيننا في كثير من الجوانب الإقتصادية والتنموية ، الآن العالم يعطيك إغاثة لا يعطيك وسائل تنمية حقيقية ، لأنه يقول لك أنا لا أستطيع أن أقوم بعمل تنمية وأنتم تتقاتلون ، لايوجد أمن ، دائماً التنمية تحتاج لاستقرار نوعاً ما ، لكن رغم هذا الأمر فأنا أقول : لو كنا قد بدأنا في الدول الاتحادية كان حتى موضوع التنمية المحلية سيكون هو طريق للسلام بل وسيكون هو طريقاً لإنهاء كثير من الصراعات ، المواطن عندما يشعر بالاستقرار ، يشعر بالاطمئنان ، سيؤيد أي فكرة نطرحها عليه .



لمسنا هذا في محافظة تعز فالناس هناك مؤيدين بشكل كبير للدولة الاتحادية ومتحمسين بشكل كبير .. لكن لايعرفون كيف يبدؤون وكيف يصلون إليها ؟


هذه حقيقة أنا قدمت فكرة للاتحاد الأوروبي حول قضية تنمية المحليات ، وتحدثت معكِ من قبل حوله ، أوضحت لهم أن فكرة السلام يمكن أن تكون عبر التنمية المحلية ، التنمية بأن نُعطي للمواطن نوعاً من الاستقرار على مستوى الخدمات مثلاً على مستوى متطلبات الحياة ، بأن نقوم بعمل تنمية ريفية ، أن نجعل دوراً للمرأة ، هذا لا يمكن أن يتم إلا عن طريق المحليات .. المواطن يتعامل كما أوضحت مع المحافظ ، مع مدير المديرية مع مركز الشرطة ، لا يتعامل مع الوزير ولامع رئيس الوزراء. فكلما أوجدنا نوعاً من التنمية المحلية صدق النظرية التي تقولونها ، لكن تحدث معه كلاماً محسوساً أو نظرياً دون أي شيء ملموس أو وسائل متوفرة ، الحرب الآن جعلت التنمية المحلية مخرجاً رئيسياً جداً لكثير من الإشكاليات ، فأنا أشد على أيديكم في موضوع إقليم الجند أن نبدأ نناقش الفكرة مع الناس ، ونبدأ أيضاً بصورة عامة ننسق مع الأقاليم التي تتناقش هذه الفكرة بالذات إقليم الجند ، كان هناك توجه أعلنه فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي حول تمكين المحليات وهي فكرة جيدة ، يعني تمكين محليات سيعطيها صلاحيات ، وأيضاً سيعطيها إمكانية في إدارة نفسها وإمكانية في الاستفادة من مواردها ، هذاهو تمكين المحليات ،الذي سيعطي نوعاً من الاستقرارعلى مستوى الإقليم ، نحن لو أوجدنا الاستقرار على مستوى تعز وإب وعلى مستوى الأربع المحافظات في الإقليم الشرقي ، أخذنا أكبر كمية من السكان والمساحة الجغرافية .





من أجل موضوع التوعية .. هل تنصح بإقامة دورات تدريبية لذلك ؟


من المؤكد ، قبل الانتقال للدولة الاتحادية علينا أن نعمل  توعية ، وهذا كان موجوداً في مشاريعنا في الإدارة المحلية أن نعمل نوعاً من التوعية ، التوعية تطلب نوعاً من الدورات التدريبية ، ومن النقاشات وتبادل الآراء وتوضيح الفكرة ، فلذالك المرحلة الانتقالية من أهم المراحل الانتقالية من الدولة المركزية إلى الدولة الاتحادية ، ولذلك أُسميها المرحلة الحاضنة ، كل مانجحنا في تركيب بناء الدولة ..... لكن أحب التأكيد لا مخرج لنا إلا بالدولة الاتحادية لكي تنهي مظالمنا سواءً السابقة ، أو ما سيأتي من مظالم لاقدر الله .



كلمة أخيرة تحُب أن تُضيفها ؟


أنا أحب أن أقول علينا أن نتمسك وأن نعمل .. كلنا حريصين على اليمن ، وعلى الشعب اليمني أن يتمسك بالدولة الاتحادية وأن يدعو إليها من منطلق الوعي بها أساساً،  وليس من منطلق نظري ، الإشكالية كما قلت أنه يوجد خوف دون اطلاع ، وهذا عند القيادات الحزبية والسياسية الكبيرة إنها غير مطلعة وغير قارئة حول موضوع الفكرة الاتحادية ، كله عبارة عن سماع ((ثقافة السماع)) هذه إشكالية كبيرة ، فلذلك جيلنا والجيل الذي سيأتي عليه أن يؤمن بهذه الفكرة ، ويحاول أن يطلع عليها ، ونحن كشعب أنجزنا نسبة كبيرة جداً من مكونات الدول الاتحادية وهي مسودة الدستور،  الذي يقرأ من مسودة الدستور سيجد بأن هناك مواد تتوافق مع الدستور الألماني والدستور السويسري ، وهذه الدول المستقرة عاشت مرحلة الصراع فعلينا أن نطلع وننتقد من واقع الإطلاع بعد ذلك لاتوجد أي إشكالية ، لكن ننتقد بالسماع ، هذه إشكالية .


دكتور عبد الرقيب فتح كُل الشكر والعرفان بإسمي شخصياً وبإسم مبادرة إقليم الجند على هذا اللقاء وهذه المعلومات القيمه ، حقيقه لدي رغبه أن استمر معكم بالحديث الشيق والاستفادة منكم لكن للأسف الوقت لم يُسعفنا.


بالعكس هذا واجبنا وفي أي وقت أنا مستعد ، أنا استجبت للفكرة لأنها فكرة المستقبل لنا جميعاً لأن تنهي مظالم ما حدث لآباءنا ولأجدادنا ، الدولة الاتحادية تعيد الاعتبار للناسجميعاً ............  بالتوفيق للجميع


كلمات دلالية
  1. لا يوجد اي تعليق
أضف تعليقا

مواضيع ذات صلة