• الرئيسية
  • أخبار
  • أهل تعز والرئيس العليمي -المهارة في ظل انعدام أوراق ضغط ونقص إمكانيات

أهل تعز والرئيس العليمي -المهارة في ظل انعدام أوراق ضغط ونقص إمكانيات

Email :
أهل تعز والرئيس العليمي
المهارة في ظل انعدام أوراق ضغط ونقص إمكانيات
Abdulkader Alguneid(عبدالقادر الجنيد)
***
٢٨ أغسطس ٢٠٢٤
أنا- الآن في هذه اللحظة- في ضيافة الرئيس، في بلاد الأعلوم في تعز.
أكتب هذا الساعة ١١:٣٠ قبل منتصف الليل بعد إغفاءة قصيرة في نهاية يوم حافل ابتدأ بعد منتصف ليل المساء الذي سبقه، وبعد وعثاء سفر في جبال وأودية وبراري وقفار ضمن طابور كبير من سيارات تحمل الرئيس وضيوف وصحبة الرئيس.
صحبة الرئيس في هذا الطريق الشاق المضني الطويل، بها الكثير من المحبين ومن الساخطين ومن المخاصمين للرئيس.
تركيبتي أنا- شخصيا- كان بداخلها الكثير من الود للرئيس لكن بها الكثير أيضا من الرغبة والتوقع بأن يقدم الرئيس الكثير والكثير وفي نفس الوقت بداخلها عدم الرغبة بالتماس الأعذار للرئيس بسبب انعدام أوراق الضغط التي بين يديه وبسبب نقص الإمكانيات.
هذا اليوم، هو يوم أكثر من مناسب لإلقاء ضوء على الرئيس وعلى تعز وعلى اليمن وعلى أداء الرئيس في ظل أوراق ضغط ضعيفة وفي ظل نقص إمكانيات.
اتصل بي من عدن إلى كندا، يوم الخميس الماضي وقال:
"سنذهب سويا إلى تعز".
المفاجأة، كانت غير متوقعة فلم أرد في الحال.
الرجل كان مستعجلا، فسألني:
"ماذا بك؟ هل أنت مشغول بشيئ ما؟"
"… لا"
"لكن الطلب كان مفاجئا".
سمعت الرئيس يوجه كلامه إلى مدير المراسيم الرئاسية محمد الحاج:
"دبر وصوله من كندا إلى عدن يوم السبت أو الأحد بالكثير"
ثم تحول نحو سماعة الهاتف، وقال لي: "خلاص… جهز نفسك للسفر… إلى اللقاء".
تم بذل الجهد باقتدار من محمد الحاج لأصل إلى عدن يوم الأحد.
وفعلا سافرت وقطعت مسافات فوق بحار ومحيطات وعبرت أجواء قارتين للوصول إلى القارة الثالثة في عدن.
واكتشفت بأني لست وحدي الضيف المسافر.
كان هناك كثيرون آخرون من داخل اليمن، ويمنيون قدموا من سائر أرجاء العالم ليكونوا ضيوفا مسافرين إلى مدينة محاصرة.
قطعت أكثر من 10.000 كيلومترا لأقضي في مدينتي تعز أربع ساعات قد تكون هامة في تاريخ تعز.
عدن
*
أنا أحب عدن، مثلي مثل كل أهل اليمن.
وعدن هي عاصمتي الآن وعاصمة مؤقتة لكل اليمن.
وتعيش عدن أغرب لحظات زمانها.
سأكتفي بأن أقول أن هناك شجعانا جنوبيون (يقولون أنهم ليسوا يمنيون) بالزي "العسكري" يرفعون علما مخالفا لعلم الرئيس الذي هو العلم الرسمي لليمن، وهم تحت قيادة أعضاء في المجلس الرئاسي اليمني، يوقفون سيارات تابعة لرئيس نفس المجلس الرئاسي وعليها شجعانا جنوبيون أيضا (!)) ولكنهم يقولون أنهم يمنيون وجنوبيون في نفس الوقت.
شجعان جنوبيون بالزي العسكري، يفتشون سيارات شجعانا جنوبيون آخرون بالزي العسكري، أيضا.
ويريدون معرفة أسماء القادمين لزيارة رئيس مجلس الرئاسة "التوافقي" لتقديمها لقادتهم الذين هم أعضاء في نفس مجلس الرئاسة "اللا توافقي".
يسألون بني جلدتهم ورفاقهم بالزي العسكري وفي نفس المدينة:
"من الذين معكم؟"
يوقفون السيارات عند دخولها وعند خروجها
… وهكذا يسألون.
هذه مشاهد سريالية من عالم اللامعقول، بالنسبة لي.
قد تكونوا أنتم قد تعودتم ولا تندهشون أو تكترثون، ولكن هذا كان مشهدا غاية في الغرابة عندي وله وقع الصدمة.
هذه أوراق ضعيفة.
هي أوراق ضعيفة، أن تكون رئيسا للجمهورية (أو مجلس قيادي رئاسي) ويتواجد معك في نفس الوقت قوات مسلحة وقادة يسألون عن ضيوفك ويفتشون بعدك في عاصمتك.
الضيوف المسافرون والحوثي
*
لم أكن أنا وحدي الضيف المسافر.
كان هناك كثيرون آخرون ضيوف مسافرون.
وكان هناك كابوس الحوثي مخيم ويظهر على هيئة سؤال عن احتمال اعتداء الحوثي على الضيوف المسافرين وحتى بين أهاليهم الخائفين من أن يقوم الكابوس الجاثم على كل اليمن بإلقاء االضرر على ضيوف الرئيس المسافرين على طول الطريق.
هذه أوراق ضعيفة.
هي أوراق ضعيفة، أن تكون رئيسا للجمهورية (أو مجلس قيادي رئاسي)، ويكون هناك خوف على ضيوفه وهم يتنقلون معه في أرجاء بلادهم وفي ظل رئاسته.
أعضاء مجلس قيادة ضيوف مسافرون
*
كان معنا في هذا السفر الطويل الشاق: رئيس مجلس الرئاسة المضيف رشاد العليمي ومعنا أيضا عضوي مجلس الرئاسة عبدالله باوزير وعثمان مجلي.
والثلاثة على ما يبدو على شيئ من "التوافق".
ونستطيع أن نؤكد أن عضو مجلس الرئاسة سلطان العرادة شاطر جدا في "التوافق".
وهناك نوع من "توافق" الحاجة (على وزن فقه الحاجة) بين عضو مجلس الرئاسة طارق صالح وباقي الأعضاء.
ولكن اليمن كلها تعلم أن هناك نقصا حادا في "التوافق" مع ثلاثة من أعضاء الرئاسة، وهم: عيدروس الزبيدي وعبدالرحمن المحرمي وفرج البحسني.
هؤلاء يقولون أنهم ليسوا يمنيون بينما هم من حكام اليمن كأعضاء في المجلس.
هذه أوراق ضعيفة.
هي أوراق ضعيفة، أن تكون رئيسا للجمهورية (أو مجلس قيادي رئاسي)، وتكون هناك مشكلة في إصدار قرارات رئاسية يتحتم أن تكون "توافقية" بين أعضاء مجلس رئاسي يقولون أنه "توافقي" ولكنهم في الحقيقة غير "توافقيين" ولا "متفقين".
التعامل مع أوراق الضعف
*
الكشف عن أسباب ضعف الرئاسة، هو أول خطوة لتقوية الرئاسة.
إخفاء الأوراق الضعيفة والتوقع منا التكيف معها ثم ندبر أمور حياتنا على أساس التعايش معها، لا يخدم الرئيس ولا ينفع أعضاء مجلس الرئاسة؛
ولا يخدمنا ولا ينفعنا ولن ينقذ اليمن.
ويجب على الرئيس وأعضاء المجلس الرئاسي أن يحلوا إشكالية المجلس الرئاسي.
لا يمكن أن يقودوا اليمن إلى الأمن والإستقرار وهم على هذا الحال.
التخلص من كل هذه الأوراق الضعيفة، هي فوق طاقة الرئيس رشاد العليمي وحده.
سيحتاج الرئيس للبحث عن أوراق القوه باختيار الرجال الرجال الرجال وبحسن الإدارة، وبكسب عقول وقلوب اليمنيين.
وسيحتاج الرئيس لدعم السعودية "الواضح" الكامل.
وعندها ستقوى أوراق الرئيس وسيتلاشى ضعف الرئاسة اليمنية.
دخول تعز
*
تعز، شيئ آخر.
بعد عبور نقيل "هيجة العبد" المخيف ومغامرات السفر في مخاطر منحدرات "السّحي" التي تسرع بدقات القلب وتحبس الأنفاس، دخلنا تعز.
وجاشت الصدور المكظومة بالإنفعالات.
وحاولت دموع أن تتساقط من العيون وأنا أشاهد فتيات مدارس "القَرِّيشة" بالزي المدرسي وهن يُلَوِّحن بشدة أعلام اليمن الوحدوي الجمهوري ويهتفن بأعلى أعلى أعلى ما في حناجرهن وأصوات طفولتهن وأجسامهن النحيلة:
"بالروح.. بالدم.. نفديك يا يمن".
وتكرر هذا المنظر وهتافات الفتيات والفتيان والرجال على طول الطريق من تربة الحجرية إلى مسقط الرأس والحب والهوى: تعز.
لا يوجد في مناطق الحوثي ولا في مناطق الإنفصال من يهتف:
"بالروح.. بالدم.. نفديك يا يمن"
أرياف تعز، هي المخزن البشري للأغلبية الصامتة في اليمن.
أرياف تعز، هم الكنز المهمل المهجور لتحرير وإنقاذ اليمن.
هتاف الفتيات، كان له نوع من الدواء والبلسم الشافي لكل ما كانت تحلق بداخله مخاوفي:
من ضعف أوراق الرئيس في عاصمته عدن،
ومن مجلس الرئاسة "اللا توفقي".
ومن النكبة الحوثية الجاثمة على صدر اليمن.
ومن كابوس الحوثي المخيم على أذهان الضيوف المسافرين على طول الطريق.
تعز تريد رئيسا والرئيس يحتاج تعز
*
كان واضحا للغاية، أن تعز تريد رئيسا لكل اليمن، وليس رئيسا يمثل طائفة أو قبيلة أو منطقة،
…ليقود اليمن نحو الأمان والاستقرار..
أما وبعد أن جاء هذا الرئيس على هيئة واحد من أبنائها، فهذا قد رفع بدفئ المشاعر نحو هذا الرئيس إلى درجة أعلى من المعتاد.
ولا بد أن الرئيس قد شعر بهذا.
ولا أدري كيف سيتعامل الرئيس مع مشاعر أهل تعز نحوه شخصيا ونحو اليمن وتجاه هواجس تعز بشؤونها الداخلية، وآلام تعز التي تئن تحت الحصار والقصف والقنص الحوثي لعشر سنوات على التوالي، كل سنة تجر الأخرى بعدها وتلقي بأحمالها وآلامها على أهل تعز الذين يحملون فوق ظهورهم آلامهم وآلام كل اليمن.
أنا أرى أن تعز قد قدمت هدية كبيرة للرئيس بهذا الإستقبال.
قد كشفت تعز للرئيس تطلعاتها وما تتطلع منه لتحقيقه وما يمكن أن يتطلع إليه هو لأخذه منها.
الجميع، يعرف الآن بأن الرئيس معه جذور ومعه حاضنة ومعه مخزون قوة— ليس فقط في تعز ولكن في كل اليمن.
مخزون قوة، ينتظر من الرئيس فقط أن يحرك مفاتيحه وأن يظهر له النوايا والبشائر ويجهزه بعوامل الإنطلاق.
تعز، يمكنها أن تكون مفتاح اليمن لليمن ومن أجل اليمن، إذا التقطه الرئيس.
السعودية، حاضرة في تعز
*
ومعنا كانت هناك السعودية.
كان الأشقاء معنا بين الضيوف المسافرين.
وكانوا من ضمن حراسة الرئيس.
وبكل هذا يكاد أن يكون حضور السعوديين أكبر من حضور بقية الضيوف المسافرين.
وربما فإنه لولاهم، لما كان من الممكن أن تتم هذه الزيارة ولا أن يحضر كل هؤلاء الضيوف المسافرين.
وقد شكرهم الرئيس على المشاريع والمعاشات ومشاعر الأخوة الراقية مع كل اليمنيين ومع تعز.
وكان تصفيق الحاضرين حارا عند أي ذكر لإسم السعودية في خطاب الرئيس وأدوارها المحمودة.
نحن نعرف دور السعودية، ونعرف أنه لولا السعودية لما كانت هناك شرعية يمنية ولا رئاسة شرعية.
ونحن نريد أيضا أن ترتفع علاقة اليمن بالسعودية إلى أعلى درجاتها حتى يصل الجميع— اليمنيون والسعوديون— إلى وضع استقرار اليمن.
لكننا نعرف أيضا أنه لن تطيب أحوال اليمن في ظل تزايد قوة الحوثيين ورغبتهم المحمومة بالسيطرة على كل اليمن.
ولكننا نعرف أيضا أن هناك "خارطة طريق" قد تبلورت على هيئة إتفاق بين السعودية والحوثي.
"خارطة الطريق"، هذه ستحقق للحوثيين هوسهم المجنون بالسيطرة المطلقة على كل اليمن.
وهذا لن يحقق استقرار اليمن.
وهذا ليس في مصلحة السعودية أيضا وليس مجرد نكبة منفردة لليمن.
خارطة الطريق، زلَّة وقد حدثت.
خارطة الطريق، تحتاج لجهد الرئيس للتخلص منها.
هل كلامي هذا من حسن آداب الضيف المسافر الذي برفقة ضيوف سعوديين مسافرين وبرفقة رئيس الذي هو المضيف الكريم ولكنه في نفس الوقت ضيف مسافر يزور تعز الجريحة مثلي ومثل كل الضيوف المسافرين.
امتنان وشكر للرئيس المضيف
*
أعتقد أنه يمكنني أن أكتب رأيي بهذه الطريقة وأنا بضيافة هذا الرئيس.
وهناك مشاعر ود مني نحو الرئيس.
الرئيس، قلبه فسيح ويستطيع أن يتعامل مع العتاب العاقل مني،
مادام يستطيع تحمل الأهواء الغريبة والنزق والشطح والحنق والشطط والسخط غير المبرر من الآخرين، فإني أرى أنه يستطيع أن ينظر في كلامي هذا وأتمنى أن يضع هذه الهموم على رأس أولوياته.
ومهارات الرئيس كبيرة جدا في التعامل مع الأوضاع، بالرغم من ضعف أوراق الضغط التي بيده وبالرغم من نقص الإمكانيات.
هذا كله كان واضحا في خطاب الرئيس، وفي إعطائه شيئا ما مبهجا لكل الحاضرين بصفة شخصية وبصفة عامة وحتى للأحزاب وللسلطة المحلية.
وانتزع الرئيس من أهل تعز الرضا والإمتنان والتصفيق الحار لأدوار أشقاءنا وحلفائنا في المملكة العربية السعودية التي يتزايد ظهورها في مشاريع تعز.
وانتزع الرئيس التصفيق الحار وهو يمجد تعز الرائعة وأهلها الرائعين في مسيرتهم من أجل التقدم ومن أجل اليمن على مدى التاريخ.
عبد القادر الجنيد
٢٨ اغسطس ٢٠٢٤
كلمات دلالية
  1. لا يوجد اي تعليق
أضف تعليقا

مواضيع ذات صلة