حوار صحفي مع المحلل السياسي الأستاذ عبدالواسع الفاتكي

Email :
فكرة الدولة الاتحادية ودولة الأقاليم فكرة انبثقت من مؤتمر الحوار الوطني الجامع الذي ضم كافة ألوان الطيف السياسي في العاصمة صنعاء عام 2013م ، والتي استساغتها كافة القوى باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الاحتقان السياسي الذي شهدته اليمن بعد ثورة الشباب السلمية التي اندلعت في فبراير 2011م .
حوار صحفي مع المحلل السياسي الأستاذ عبدالواسع الفاتكي.

حاوره بندرالمحيا

ـ بداية حدثنا عن طبيعة مؤتمر الحوار الوطني وماهيته وكيف تابع اليمنيون هذا الأمر؟
تابع اليمنيون الحوار الذي دار بينهم في 2013م والذي جمع كل أطياف اليمن السياسية والإجتماعية والثقافية، وأجتمع فيه اليمنيون من مختلف توجهاتهم ومشاربهم للحوار حول شكل الدولة والقضايا التي طرحت أنذاك على طاولة الحوار كقضية صعدة والقضية الجنوبية، كذلك القضايا الساسية والاقتصادية وكل ما يتعلق بشئون الدولة وأيضا تم الحديث بشكل تفصيلي عن المرحلة القادمة للدولة وصياغة دستور جديد للبلد، وكذلك الحديث عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية والعلاقة بين هذه السلطات، خاض اليمنيون مارثوناً حوارياً مُثلت فيه جميع الفئات كالمهمشين وغيرهم، وقطاع عريض من الشعب اليمني استمروا بالحوار في القضايا التي أشرنا اليها سابقاً، وكان الحوار الوطني برعاية إقليمية ودولية وحضي بدعم كبير من المجتمع الدولي والأقليمي، ولكن للأسف تم الانقلاب على مخرجات الحواري وتم الانقضاض على مؤسسة الدولة من قبل المليشيا الحوثية بعد أن كان اليمنيون على وشك الخروج من الأزمة السياسية.

ـ لماذا استحسنت القوى السياسية فكرة الأقاليم، بل أنها كانت متحمسة
إلى حد كبيرمع هذا الاتجاه؟

كانت فكرة الأقاليم مطروحة وبقوة من قبل القوى السياسية التي كانت ترى أن المركزية في شكل الدولة كانت سبباً في كثير من الصراعات وخلق الأزمات باعتبار أن المركز كان مسيطر على الأطراف، وكانت الصراعات غالبا في الماضي تقع نتيجة العلاقة المتوترة بين المركز والأطراف وهذا يؤدي الى نزوع بعض الأطراف وميلها الى الاستقلالية والانفصال بقرارها وتكوين دول بعيدة عن سيطرة المركز، وبالتالي أجمع المتحاورن على فكرة الأقاليم، وكذلك هناك نصائح من قبل المجتمع الإقليمي والدولي وأنه لابد من إيجاد صيغة مشتركة بين الفرقاء السياسين وتقديم حلول وسطية ما بين الدعوات الانفصالية والأطراف المتمسكة بالوحدة اليمنية وبالتالي تم الخروج بصيغة توافقية التي هي الأقاليم في إطار دولة اتحادية على أساس ان هذه الفكرة تحل كثيراً من مشاكل عدم التوزيع العادل للثروة والسلطة وتحد من المركزية الشديدة التي تخلق الاستبداد، وأن المركزية لا تستطيع إيلاء المجتمعات القدر الكافي من التنمية والخدمات.

ـ أتفق الجميع حول فكرة الأقاليم كما تحدثت، ولكن تم بعد ذلك الخلاف حول طبيعة وعدد الأقاليم أليس كذلك؟

الخلاف نشأ حول عدد الأقاليم وتوزيع الأقاليم وجغرافيتها، كانت هناك أصوات تريد عدد الأقاليم ثلاثة والبعض يريد العدد خمسة أقاليم والبعض يريد ستة أقاليم، والبعض كان يرى أن تكون الأقاليم فيها دمج مابين المناطق الشمالية والجنوبية للحفاظ على الوحدة اليمنية، والبعض يرى أن تقسم الأقاليم وفق معاييرعلمية واقتصادية واجتماعية، والبعض كان يستجلب الخلافات السابقة، والبعض قدم مقترحا على أن تكون الأقاليم أقليم شمالي وإقليم جنوبي، وبالأخير أستقرت الفكرة على ستة أقاليم أربعة في الشمال واثنين في الجنوب.

ـ هل جاءت فكرة الأقاليم نتيجة وعي سياسي حقيقي لدى كافة القوى السياسية أم أنها جاءت عفوية نتيجة الاحتقان السياسي في البلد أنذاك؟

الإرهاصات السابقة التي طرأت على الساحة اليمنية والخلافات السياسية التي كانت قبل ذلك بين أحزاب اللقاء المشترك والحزب الحاكم ولدت قناعة تامة لدى الفرقاء السياسين بأنه لا مخرج لليمن إلا بهيكلة شكل الدولة الجديدة وإيجاد صيغة جديدة تتمثل بالأقاليم على أساس أن فكرة الأقاليم ستلبي طموحات كثير من القوى السياسية وستلجم أفواه الداعين للإنفصال، وبالتالي كانت وجهة نظر كل السياسين أن دولة الأقاليم حل وسط بين المركزية من جهة ودعاة الانفصال من جهة أخرى، وأن فكرة الأقاليم ستمكن الجميع من المشاركة في الحكم والمشاركة في صناعة القرار، وتمكن أيضا المجتمعات المحلية من إدارة شؤونها وتحمل مسؤليتها، والدولة المركزية ستحافظ على الإطار العام للدولة والشؤون السيادية.

ـ بعد الحرب التي دارت رحاها في اليمن في 2014م هل بالإمكان أن نتحدث عن الأقاليم باعتبارها الخيار الأمثل للخروج من هذه الصراعات أم أن الحرب ستفرض سيناريوهات جديدة في المشهد السياسي؟

التحدي البارز الذي أعاق فكرة تحقيق الدولة الاتحادية هو انقلاب المليشيا الحوثية في 21 سبتمبر 2014م التي أدخلت البلاد في أتون صراعات وحروب أهلية، وفتح الشهية أمام بعض القوى السياسية والمكونات القبلية والاجتماعية على إعادة النظر في فكرة الدولة الاتحادية، بل تعالت الأصوات الرافضة لفكرة الأقاليم والمطالبة بالعودة الى ماقبل تسعين لأن المليشيا أسقطت مؤسسات الدولة وفتحت المجال أمام الصراعات، وأدخلت البلاد في فوضى، حتى أصبح هم القوى السياسية هو استعادة الدولة، ومن ثم سيتم الأحاديث عن فكرة الدولة الاتحادية، وهناك أشياء كثيرة طرأت على المشهد وأثرت على فكرة الأقاليم وهناك تشكيلات عسكرية جديدة أثرت على المشهد السياسي، بالإضافة الى سيطرة مليشيا الحوثي على محافظات عديدة في شمال اليمن، وباعتقادي لن يكتب النجاح لفكرة الأقاليم الا بتحرير تلك المناطق من مليشيا لحوثي.

ـ الاحتقان السياسي بلغ مبلغه فما السبيل للخروج من هذه التشضيات التي عقدت المشهد؟

بقراءة حصيفة للمشهد السياسي اليمن نلحظ أنه لامخرج الا بالعودة إلى فكرة الأقاليم و مخرجات الحوار الوطني التي هي مخرجات شاملة وجامعة توصل اليها الشعب اليمني وكانت هي الحل الأنسب لكافة القوى السياسية، وستضع البنيان والأساس للدولة وسوف تقلل من نشوب أي خلافات او انعدامها.

ـ إقليم الجند يراه البعض أنه يتميز بتركيبة إجتماعية وجغرافية مختلفة عن بقية الأقاليم ما وجهة نظرك في ذلك؟

يمتلك إقليم الجند مقومات عديدة تؤهله لأن يكون إقليماً نموذجياً، وهناك مقومات بشرية ذات خبرات كبيرة، ناهيك عن تواجد الكثير من الحرفيين والمهنيين في محافظة إب وتعز، وكذلك المستوى التعليمي المتقدم لدى أبناء هذا الإقليم، ومعظم أبناء هذا الإقليم منخرطون في مفاصل الدولة ويقدمون خدمات كبيرة للشعب اليمني، فنحن أمام محافظتين زاخرتين بقوى إقتصادية ضخمة ولديها كثير من المغتربين، ومؤسسات عملاقة ترفد خزينة الدولة، ومقومات زراعية كبيرة وسياحية في إب وتعز، وهناك مقومات استراتيجية وبيئة جغرافية متنوعة بالسهول والأودية والبحار، ومنفذ بحري متمثل في ميناء المخاء كمنفذ بحري يؤهل الإقليم للتواصل مع العالم الخارجي، فاقليم الجند لديه ما يؤهله ليكون نموذجاً للأقاليم الأخرى.
كلمات دلالية
  1. لا يوجد اي تعليق
أضف تعليقا

مواضيع ذات صلة